هل تؤدي تحالفات المغرب والجزائر إلى تقسيم الفضاء المغاربي إلى فضاءات؟

0

على عكس فترات التوتر السابقة في تاريخ البلدين، تنذر الأزمة المغربية الجزائرية بمستقبل “قاتم” لمنطقة المغرب الكبير قد يؤدي به إلى الانقسام، في ظل لجوء كل من الرباط والجزائر إلى البحث عن تحالفات مع دول في المنطقة والقوى الكبرى، وفق ما أجمعت عليه تقارير إعلامية إسبانية.

وتقول صحيفة “إسبانيول” إنه بات واضحا أن المغرب الكبير انقسم إلى محورين في 2021، أبرز عناصرهما القوتين في المنطقة: المغرب والجزائر، بحسب ما نقل موقع قناة “الحرة”.

إعلان قرطاج”.. اتحاد مغاربي بدون المغرب

وأعلن بيان مشترك تونسي جزائري عن تأسيس “فضاء إقليمي جديد”، باسم “إعلان قرطاج”، ما أثار تساؤلات بشأن الأسباب والأهداف المتوخاة من الإعلان الصادر في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى تونس يومي الأربعاء والخميس.

ترى المحللة المغربية، شريفة لومير” أن التوتر بين المغرب والجزائر جعل طموح بلوغ وحدة مغاربية بعيد المنال”.

وتقول لومير في حديث لموقع قناة الحرة “الجزائر تبحث عن مخرج لتصريف ضغط الشارع الداخلي، وأكيد أنها تبحث  عن حليف للاستقواء به خاصة بعد أن حظي المغرب بالدعم من طرف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب دول أخرى”.

ورأى البيان أن الفضاء المشترك بين البلدين “يوفر ردودا منسّقة وناجعة للتحديات الأمنية والاقتصادية والصحية، وللأحداث ولكافة التطورات الراهنة والقادمة على الصعيدين الإقليمي والدولي”.

لكن المحلل والإعلامي الجزائري، حكيم بوغرارة، يستبعد أن تكون الخطوة الجزائرية التونسية ضد المغرب.

ويوضح في حديث لموقع قناة الحرة “تونس والجزائر تعملان على استغلال ظروفهما الاقتصادية والاجتماعية للتكامل، وكسر الهيمنة الأوروبية الاستعمارية، بل بالعكس تحدثوا عن بناء المغرب العربي”.

وكانت تونس امتنعت عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي الأخير القاضي بتمديد عمل بعثة “المينورسو” لمدة سنة إضافية، ما رأى فيه مراقبون تقاربا مع الجزائر.

ويرى أستاذ العلوم السياسية الجزائري، علي ربيج، أن علاقات الجزائر بتونس ليست بالضرورة مرتبطة بالتوتر مع المغرب بل مرتبطة بالوضع في البلدين.

ومع ذلك، يعتبر ربيج في حديث لموقع قناة “الحرة” أن “الوقت مناسب لإعادة بعث اتحاد المغرب العربي بدون المغرب”، مشيرا إلى أن نجاح هذا الاتحاد قد يدفع الرباط مستقبلا إلى تغيير سياستها ومواقفها للانضمام إليه.

وتشير الصحيفة إلى أن الانقسام يأتي بعد أن عقد المغرب تحالفات قوية مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، فيما الجزائر، حليفة روسيا، تسعى إلى الاتحاد مع تونس وتعول على الدعم الإيراني.

الدور الإيراني

تتساءل صحيفة “ليبرتاد ديجيتال” الإسبانية: ما الخطر الذي استشعرته الولايات المتحدة وإسرائيل ليدعمان المغرب في موقفه ضد الجزائر؟

وتشير الصحيفة إلى أن روسيا الحليفة للجزائر هي أيضا حليفة للرباط، لذلك قد تكون إيران الخطر الذي يقلق أميركا وإسرائيل.

وتعززت علاقات الجزائر وإيران بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وفي 2012 دعما البلدان لوحدهما النظام السوري، كما دعمت الجزائر البرنامج النووي الإيراني في السنوات الأخيرة.

وتتهم الرباط إيران بدعم جبهة البوليساريو، التي تطالب بانفصال الصحراء الغربية عن المغرب.

وكانت إيران الداعم الرئيسي لقطع الجزائر لعلاقاتها مع المغرب بسبب ما وصفته وزارة الخارجية الجزائرية “أعمال عدائية مغربية ضدها”.

لكن حكيم بوغرارة يرى أن الجزائر والمغرب يوسعان تحالفتهما، ففي الوقت الذي تحالف فيه المغرب مع إسرائيل بعد التوتر مع مدريد وبرلين، تعمل الجزائر على رفع مستوى علاقاتها مع دول مثل الصين وتركيا وإيطاليا لكن ليس فقط في المجال العسكري بل أيضا في المجال التجاري.

إسبانيا.. الخاسر الأكبر !

تقول الصحيفة الإسبانية إنه في ظل التوتر المتصاعد بين الرباط والجزائر، تنزلق إسبانيا بشكل خطير إلى صراع كان يجب أن تنأى بنفسها عنه، لكنها تورطت فيه خاصة بعد استقبال زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، للعلاج، بدعم من “محور الشر” بحسب تعبيرها.

وتشير الصحيفة إلى أن علاقات مدريد بالرباط تدهورت بشكل كبير، كما تبتعد إسبانيا عن الولايات المتحدة الأميركية وعن ألمانيا، خاصة بعد موقف برلين الأخير من مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية.

وما يزيد الوضع سوءا، بحسب الصحيفة، أن إسبانيا تعتمد على الغاز الجزائري وباتت ضعيفة عسكريا أمام جيرانها.

ويتفق  بوغرارة في حديثه للحرة بأن إسبانيا تظهر ضعيفة دبلوماسيا أمام قوى أخرى دخلت المنطقة أو متواجدة فيها حديثا بالمقارنة مع إسبانيا على غرار الصين وأميركا وتركيا، أو التقليدية على غرار فرنسا.

وتعليقا على تقرير الصحيفة، يقول بوغرارة إن “إسبانيا تسعى لضمان مصالحها، وتحاول اللعب على توتر العلاقات الجزائرية المغربية لتعزيز تواجدها في الجزائر وإسبانيا اقتصاديا وتجاريا”.

وفي حال نشرت الجزائر منظومة الدفاع الروسية “اس 400” وتم تأكيد تقاربها مع إيران، فإن “الصراع الأبدي” الذي يشهده الشرق الأوسط سينتقل إلى حدود إسبانيا، بحسب الصحيفة.

وترى الصحيفة أن حل المشكلة الإسبانية يكمن في أن تتحالف مدريد مع حلفائها الغربيين التقليديين وأن تحافظ على علاقة ممتازة مع المغرب الذي تتشاطر معه مصالح عديدة.

لكن أستاذ العلوم السياسية، علي ربيج، يرى في قراءة الصحيفة الإسبانية للوضع الراهن على أنه “مقاربة جديدة” تتبناها إسبانيا للضغط على الجزائر والمغرب عبر تصوير الوضع بهذه الصورة “الدراماتيكية” التي تقول إن البلدين على وشك المواجهة.

ودخل المغرب والجزائر في سباق التسلح هو الأكبر في السنوات الأخيرة، وأظهرت ميزانية كل منهما الخاصة بـ2022 ارتفاعا كبيرا في مخصصات الدفاع.

وتعد الصحراء الغربية السبب الرئيسي لتوتر العلاقات بين المغرب والجزائر، ويمتد النزاع منذ عقود، ويجمع جبهة بوليساريو التي تطالب بإجراء استفتاء تقرير مصير أقرته الأمم المتحدة عام 1991، في حين يسيطر المغرب على نحو 80 في المائة من المنطقة الصحراوية الشاسعة.

وتوتر الوضع بشدة، في نوفمبر الماضي، بإعلان الانفصاليين الصحراويين أنهم في حل من وقف إطلاق النار، المبرم عام 1991، ردا على عملية عسكرية مغربية في منطقة عازلة بأقصى جنوب الصحراء الغربية.

الناس/عن “الحرة”

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.