وزير الخارجية الأمريكي بلينكن يتفادى الحديث عن اعتراف الإدارة السابقة بمغربية الصحراء
تُواصل الإدارة الأمريكية تبني موقف الغموض إزاء قضية الصحراء المغربية، منذ مجيء الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، خلفا للجمهوريين، الذين اتخذ رئيسهم السابق دونالد ترامب قرارا غير مسبوق باعترافه بمغربية الصحراء في شهر ديسمبر سنة 2020، أياما قليلة على مغادرته منصب الرئاسة.
الموقف الضبابي الجديد جاء على لسان كاتب الدولة الأمريكي، أنطوني بلينكن، خلال حديث إعلامي مع شبكة “بي بي سي أفريكا” (BBC AFRICA)، ونشر بتاريخ 19 نوفمبر 2021 على موقع وزارة الخارجية الأمريكية، حيث تفادى المسؤول الأمريكي التصريح صراحة بالموقف الأمريكي من قضية الصحراء رغم إلحاح مذيعة الشبكة التلفزيونية الدولية.
وخلال سؤالها له ذكرت الصحافية آن صوي Anne SOYE بأن منطقة واحدة نادرا ما نتحدث عنها، وهي الصحراء الغربية، كما قالت، مردفة أنه مع نهاية إدارة ترامب اعترفت الإدارة الأمريكية بسيادة المغرب على تلك المنطقة المتنازع عليها، متسائلة هل ستكرسون ذلك؟
جواب بلينكن جاء دبلوماسيا وفاترا، حيث أكد قوله: “نحن نركز بشدة الآن على دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، والعملية التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم وكريم. هذا هو محور جهودنا”. لتعقب الصحافية بسؤالها ذاته: لكن هل ستؤكدون هذا القرار؟ وليجيب مرة أخرى الوزير الأمريكي: “نحن نركز على عملية الأمم المتحدة هذه، مما يساعد على دفعها إلى الأمام. نحن نتحدث إلى جميع الأطراف المعنية؛ والآن، يجب أن يكون التركيز على ما تفعله الأمم المتحدة، مرة أخرى، لإيجاد حل دائم وكريم”.
ويبدو من خلال إلحاح صحافية الـ “بي بي سي” أن جواب المسؤول الأمريكي لم يقنعها، فعاودت السؤال من جديد، وبصياغة أخرى، مغايرة بعض الشيء، قائلة: الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعترف بالسيادة الكاملة للمغرب على تلك المنطقة. هل ستزكون هذا الموقف؟ ليكون جواب بلنكن: “مرة أخرى، تركيزنا”.
ثم سألت الصحافية المسؤول الأمريكي عما إذا كان إعطاء فرصة للجهد المبذول الذي يتحدث عنه أن يكون هناك استفتاء محتمل؟ وما إذا كانوا سيؤيدون ذلك؟ فأجاب وزير خارجية واشنطن: “لقد كنا منخرطين إلى حد كبير مع جميع الأطراف. وكما قلت، فإن تركيزنا في الوقت الحالي، خاصة وأن لدينا الآن مبعوثًا للأمم المتحدة بعد فترة طويلة من عدم وجود مبعوث، هو التأكد من أن هذه العملية يمكن أن تمضي قدمًا. هذا هو الموضع الذي ينصب فيه تركيزنا. وهو ما يتجه فيه دعمنا”.
وكانت الإدارة الأمريكية السابقة على عهد الرئيس دونالد ترامب قد قررت، في موقف تاريخي، في شهر ديسمبر من السنة الماضية، الاعتراف بمغربية الصحراء، بالتزامن مع عقد اتفاق تطبيع بين المغرب وإسرائيل.
ومنذ أن وصلت إدارة الديمقراطيين بزعامة الرئيس الحالي جاو بايدن، إلى البيت الأبيض، لم يصدر أي موقف صريح يدعم أو يرفض قرار سلفه ترامب، مع أن الإدارة الحالية ألغت العديد من القرارات التي وقعت عليها إدارة الجمهوريين السابقة.
ويرى مراقبون أن موقف الإدارة الأمريكية الحالية يتماشى مع الموقف السابق في عهد ترامب، من حيث جوهره، ما دام الرئيس بايدن لم يلغ القرار رسميا، على غرار ما فعله مع قرارات أخرى أصدرتها الإدارة السابقة، ولكن حرص واشنطن على عدم الإخلال بالتوازنات الدولية والإقليمية، لاسيما في ظل وجود موقف روسي رافض للخطوة الأمريكية بخصوص الصحراء، يجعل هذا الموقف يتسم بنوع من الغموض، مع أن الرباط تبدو في الغالب مطمئنة بشأن الموضوع، ما قد يعني أنها تمتلك معطيات عبر قنوات غير معلنة، وهو ما قد يكون حافزا لها لاتخاذ مزيد من الخطوات المتقدمة في مسار التطبيع مع إسرائيل.
نورالدين اليزيد