ومضات حول هيجان الطورو الاسابني على مملكة محمد السادس
نورالدين اليزيد
قد تكون هناك أخطاء في طريقة تدبير الدبلوماسية المغربية للأزمة مع الجار العنيد وسيء الظن اسبانيا، لكن من الوهم الاعتقاد أن انزعاج الطورو الاسباني مرتبط فقط بملف الهجرة غير الشرعية، وإن كانت بتلك الحدة التي تابعناها في الأيام الأخيرة، إلى الدرجة التي اتهموا في بلادنا بالابتزاز.. وهو ما انتقدناه في حينه، وإنما الأزمة أعمق بكثير من ذلك..
عندما ترى مدريد تستدعي السفيرة المغربية لديها بطريقة فيها الكثير من الإذلال والإهانة، بحيث لم تمنحها سوى نصف ساعة للالتحاق بمقر الخارجية الاسبانية، للتنديد بسياسة المغرب في الملف وتوبيخها كسفيرة “جلالة الملك”، وهو عمل غير مسبوق في تاريخ العلاقات الدولية، فإن ذلك يكشف مدى الحقد والحنق والعقلية التسلطية الاستعمارية والضغينة، التي يحملها لنا النظام الاسباني، حتى ولو أظهر في الغالب كتم ذلك، وإبداء عكسه من باب النفاق الدبلوماسي الملغوم..
هناك غضب وعدم رضى من تطور المغرب على مستويات عدة، منها تشييده لعدد من البنيات التحتية (الموانئ تحديدا)، ورسم حدوده البحرية، ومحاربة أباطرة المخدرات بلا هوادة، بتقنين استعمال الكيف، وتنامي الدور الاستراتيجي الذي بات يلعبه ميناء طنجة المتوسط، وتأثيره على الموانئ الاسبانية. وتطور علاقات الرباط مع بريطانيا الخارجة من الاتحاد الأوروبي، والباحثة عن امتداد في اتجاه الجنوب الإفريقي، ما جعلها تدرس مع الرباط الربط القاري عبر جبل طارق، ليكون بديلا للربط القاري بين المغرب وأوروبا، الذي أصبح مجرد فكرة منذ سبعينيات القرن الماضي…
كل ذلك وغيره من المعطيات والحيثيات، التي دفعت وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، لأن يقول صراحة “إن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس”؛ وإذا ربطتَ ذلك باحتمال ثبات واشنطن على قرار الاعتراف بمغربية الصحراء، فإن مملكة محمد السادس، باتت ترهب وترعب الجيران، وتثير حسدهم وحقدهم. ولذلك فلا تستغرب إذا رأيت حكام الاسبان المتغطرسين، يستقبلون زعيم جماعة انفصالية، بأوراق ثبوتية مزورة، رغم أنه يعتبر مجرما متورطا في جرائم ضد الإنسانية، وأخرى تتعلق بالاغتصاب والاحتجاز، وتضع يدها في يد النظام الجزائري العدو اللدود للمملكة، في تواطؤ فج وخبيث ومفضوح بنواياه العدائية!!
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: هذه المقالة نشرت بادئ الأمر كتدوينة على حساب صاحبها في الفيسبوك