غرام وخيانة وشعوذة..هكذا تورطت أرملة البرلماني مرداس في مقتله
في تطورات مثيرة في ملف مقتل البرلماني عن حزب الاتحاد الدستوري، عبداللطيف مرداس، الذي تمت تصفيته بسلاح ناري قبل أيام، اتضح أن زوجة المقتول المسماة “وفاء” متورطة في جريمة القتل هاته التي استهدفت زوجها وأب أبنائها، وهي القضية التي شغلت الرأي العام.
وتفيد المعطيات المسربة من التحقيقات بالموازاة مع إعادة تمثيل الجريمة صباح يوم أمس الأحد أن مرتكب الجريمة المدعو هشام مشتري كان على علاقة غرامية مع زوجة الضحية، التي يبدو أنها بعدما ضاقت ذرعا بعلاقة زوجها القتيل مع فتاة “ابن أحمد” قررت هي الأخرى أن تتخذ خليلا لها فكان ذلك مع القاتل هشام صديق زوجها قيد حياته والذي كان يتردد كثيرة على بيت العائلة.
وكان المحققون وخاصة عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية إضافة غلى أفراد الشرطة القضائية، وبعدما تأكد لهم بشكل دامغ براءة شقيق خليلة القتيل الساكن بابن أحمد من دم مرداس، انصبت تخميناتهم حول المحيط الضيق للضحية، وأول عنصر كان مستهدفا بالاستنطاق والتحقيق هو زوجته التي أراد المحققون من خلال التحقيق معها على الأقل جمع أكبر قدر من المعلومات عن زوجها الراحل وعن علاقاته بأصدقائه وأفراد عائلته، قبل أن يكتشفوا في كلامها خيوطا رابطة بالجريمة، ما جعلهم يركزون أكثر على الزوجة “وفاء” التي تم استدعاؤها للتحقيق يوم الجمعة الماضية قبل يتم إحالتها على الحراسة النظرية وإلقاء القبض بعد ذلك على المتهم الرئيسي هشام مشتري، الذي سرعان ما اعترف بالمنسوب إليه.
البسيج يفك لغز الجريمة..
كان “المكتب المركزي للأبحاث القضائية” (بسيج)، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، أعلن يوم الجمعة الماضي (24 مارس)، عن اعتقال المشتبه فيهم في ارتكاب جريمة قتل النائب البرلماني عبد اللطيف مرداس أمام منزله بحي كاليفورنيا بالدار البيضاء بتاريخ 7 مارس الجاري.
وبحسب بلاغ صادر عن المكتب ، فإن “المجهودات الأمنية المبذولة مكنت من كشف هويات المشتبه في ارتكابهم لهذا الفعل الإجرامي وتوقيفهم، وكذا حجز السيارة التي استعملها المشتبه فيهم في تنفيذ هذه الجريمة، كما أسفرت عمليات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم عن حجز بندقية للصيد وخراطيش شبيهة بتلك التي استعملت في تنفيذ هذه العملية، والتي تمت إحالتها على المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية من أجل إخضاعها لخبرة باليستيكية”.
وتفيد بعض المصادر الموقوف كمتهم رئيسي هشام مشتري هو مستشار جماعي بجماعة سباتة بالدار البيضاء عن حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي اعتقل بعد ثلاثة أسابيع تقريبا عن حادثة مقتل البرلماني.
القتيل عبداللطيف مرداس
ومباشرة بعد إعلان المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم الجمعة، توقيف المشتبه فيهم في ارتكاب جريمة قتل النائب البرلماني عبد اللطيف مرداس أمام منزله بحي كاليفورنيا بالدار البيضاء، تداولت المواقع الإخبارية صورة للمستشار الجماعي الموقوف على خلفية القضية.
وجاءت اعتقالات المكتب المركزي يوم الجمعة بعد بحث معمق مع آخر شخص قابله الهالك وأيضا مع زوجته وهو ما أسفر عن توقيف المتورطين الرئيسيين فيما لا يزال البحث جار عن باقي المشتبه فيهم.
وبمجرد الإعلان عن اسم القاتل أصدر حزب التجمع الوطني للأحرار بلاغا استنكر فيه جريمة مقتل البرلماني، عبد اللطيف مرداس، منددا بسلوك المستشار الجماعي الذي ينتمي إليه، والمتهم الأول في هذه القضية، مؤكدا “أنه لا يمت بصلة إلى قيم الدين الإسلامي الحنيف ولا إلى أخلاق المجتمع المغربي”.
وأكد حزب الأحرار في بلاغ نشره يوم السبت على موقعه الإلكتروني، “أن هذا المستشار ليس قياديا بالحزب ولا تربطه بهياكل حزب التجمع الوطني للأحرار أية صلة، فقد التحق بالحزب خلال الاستحقاقات الجماعية لسنة 2015”.
الأرملة وفاء
ودعا الحزب في ذات البلاغ، العدالة المغربية إلى تنزيل العقوبات القانونية على المتهم، وتقديم الدرس لكل من سولت له نفسه بنهج نفس السلوك، مضيفا أنه سيعرض طرد المستشار من صفوف الحزب نهائيا على المكتب السياسي في أول اجتماع مقبل له. قبل أن يجدد حزب “الحمامة” تعازيه لأسرة الفقيد الصغيرة والسياسية، شاكرا الضابطة القضائية والأمن “للحرفية العالية التي استعملوها في فك لغز هذه الجريمة الشنعاء”.
وبحسب المصدر الأمني السالف الذكر فإنه “بتنسيق وثيق مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومصالح الشرطة القضائية بولاية أمن الدار البيضاء، (تمكن المحققون) من استجلاء حقيقة جريمة القتل العمد باستعمال السلاح الناري، والتي كان ضحيتها النائب البرلماني عبد اللطيف مرداس”.
وأضاف أن إجراءات البحث في هذه القضية، تطلّبت جمع معطيات تقنية، وتحليل بياناتها، فضلا عن التوصل إلى قرائن مادية دامغة من خلال تحليل الآثار التي تم رفعها من مسرح الجريمة”، مؤكدا أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيهم تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، علما أن تفاصيل أوفى عن هذه القضية، وتطورات ومآل البحث فيها، سيتم الكشف عنها لاحقا، وذلك ضمانا لحسن سير الأبحاث الجنائية التي لا تزال متواصلة في القضية”.
تورط مشعوذة شقيقة الجاني
وفق المعطيات المسربة عن التحقيقات دائما فإن الاعتقالات شملت أيضا شقيقة المتهم الرئيسي التي لعبت دورا مهما بين التقريب بين زوجة الضحية وشقيقها الجاني هشام مشتري (الصورة أسفله) قصد ربط علاقة غرامية لكونها (شقيقة الجاني) كانت عرافة (شوافة) وتمارس أعمال الشعوذة، حيث كانت زوجة القتيل تتردد عليها من حين لآخر لمدها بوصفات تستعملها ضد زوجها الضحية خاصة في ظل استمرار توتر العلاقة الزوجية بينهما بسبب إصراره على استمرار علاقته غير الشرعية بالفتاة القاطنة بابن أحمد حيث كان القتيل يرأس مجلس الجماعة.
الاعتقال طال أيضا أحد الأشخاص الذي اتفق معه الجاني على مشاركته في اقتراف الجريمة وذلك مقابل مبلغ مالي مهم، بينما لم تتمكن يد البوليس أن تطال ابن أخت الجاني الذي كان يقود سيارة (داسيا) التي تم بها اقتراف الجريمة النكراء، وذلك لتمكن الأخير من الفرار إلى تركيا، وفق ما أفادت بعض المصادر.
مسلسل مثير..
وفي بعض تفاصيل الملف الذي انتهى بمقتل البرلماني عبداللطيف مرداس تكشف المعلومات أن “وفاء” زوجة الضحية، التي أظهرت غير قليل من عدم الوفاء، وغير قليل من الجشع والطمع، والتي بدت عشية مقتل زوجها في لباس الحداد الأبيض الناصع تتقبل العزاء وتتظاهر أمام المعزين والصحافيين بأنها كلمى وحزينة لموت زوجها وأب أبنائها، بالرغم من أن الضحية كان كتب لها الكثير من العقارات ويمنحها يمنة ويسرة ما تطلبه من أموال، كانت ابنة حي القاتل، وكانت صديقة شقيقته التي كانت معروفة بممارسة أعمال الشعوذة، وتزعم أنها عرافة (شوافة). فكانت أرملة القتيل تتردد عليها كثيرا لمدها بتمائم ووصفت سحر وشعوذة لاستعمالها في حق زوجها المقتول، أملا في ثنيه على التخلي عن عشيقته ابنة ابن أحمد، التي لم تسمح لها بان تكون زوجته الثانية وضرتها..وبكثرة ترددها على بيت الشوافة تعرفت على الجاني القاتل وتعرف عليها جيدا كيف لا وهي ابنة زميل له في العمل السياس حيث الاثنان عضوان في حزبين والاثنان مستشاران جماعيان، فاستغل تأثير شقيقته على أرملة الضحية وتقرب منها أكثر، ليجدها متفاعلة مع طموحاته في أن يكسب إعجابها فتطورت علاقتهما بسرعة إلى غرام جارف لكن بطعم المصلحة؛ فالأرملة كانت تنوي معاملة زوجها بالمثل أي بالخيانة باعتبار أنه لم يتخل عن عشيقته واستمر معها لسنوات، بين القاتل كان رغبة الوصول إلى ثروة الأرملة هي الدافع الأساسي، وكيف لا وهي المالكة لعقارات وأموال كتبها لها زوجها البرلماني قيد حياته، خاصة وأنه بدأ يستفيد من بعض ريع هذه الثروة أثناء لقاءاتهما الحميمية؛ وهنا راودت الاثنان فكرة التخلص من البرلماني زوج “وفاء”.
القبض على العاشقين..
يوم الجمعة الماضي اعتبر حاسما لدى المحققين في مسلسل اختلط فيه الجنس والغرام بالثروة والسياسة، حيث ما أن حلت عناصر الشرطة القضائية من جديد ببيت (فيلا) الضحية بحي كاليفورنيا الراقي، حيث لاحظوا ارتباكا واضحا في كلام الأرملة، التي باغتوها بالسؤال عن هاتفها، فرفضت الإجابة بل حاولت تحدي المحققين بافتعال غضب وتمرد في وجههم، بينما كان المحققون اكتشفوا رقما هاتفيا مركبا على هاتف ابنة الأرملة والضحية وعرفوا من الابنة أن والدتها هي من ركبتها لإجراء مكالمة..في نفس المعطى كان المحققون اكتشفوا في استنطاق مشتبه فيه اسم هشام مشتري (القاتل) أنه صاحب الرقم الموجود على ذاكرة هاتف الابنة؛ وبعد تحليلات خبراء الشرطة القضائية والمركز الوطني للأبحاث للرقم الهاتفي اتضح لهم أن الأرملة حاولت بعد اعتقال القاتل إجراء مكالمة للاتصال به ولكن من هاتف آخر فلم يرد عليها، وهو ما أصابها بالتوتر والارتباك، وهي الحالة التي وجدها عليها المحققون يوم الجمعة قبل أن يضعوا على يديها الأصفاد ويقودونها إلى مكتب الشرطة الوطنية بالدار البيضاء حيث وجدت خليلها القاتل هناك.
بدل القصر..المصير هو السجن
فصول هذه الجريمة التي هزت الرأي العام الوطني والجسم السياسي بالمملكة تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا لعناصرها وأجزائها المثيرة، لكن بالمقابل هي درس عسير وصعب على كل من تسول له نفسه الطمع والفساد والغدر والخيانة والظهور في نفس الآن بمظهر الشخص الصادق والصالح..ولأن الحق يعلو ولا يعلا عليه فإن وحده إغداق القتيل على زوجته بالمال والممتلكات ليثبت لها أنه لا يسعى إلى تشتيت أسرته كان يفرض على الأرملة “وفاء” على الأقل إن لم تسمح له بالزواج من ضرة أن تطلب منه الطلاق، وأما المعاملة بالمثل على صعيد الخيانة الزوجية فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى مزيد من المشاكل ومن تعقيد الأمور..ولأن المحققين ما يزالون يحاولون –إلى حدود ساعة كتابة هذه السطور- مع الأرملة الإجابة عن سؤال محوري عما إذا كانت على علم باقتراف الجاني لجريمته ضد زوجها قيد حياته، فإن الكارثة والفاجعة ستكون أكبر وأضخم إذا ما تبين أنها كانت على علم بذلك، لتكون حينها نهاية أسرة كانت تتوفر لديها كل شروط السعادة من فيلا بمثابة قصر في أفخر وأرقى أحياء أكبر مدن المملكة، لكن الجشع والخيانة أبيا إلا أن يحطما هذه الأسرة، ويبقى الخاسر الأكبر والأخطر هو مستقبل الأبناء الذين يعايشون بقلق وصدمة فصول كابوس لم يكن يخطر على بالهم أن يروه حتى ولو في الأحلام المزعجة..
سعاد صبري