“الناس” تعيد تركيب لقاءات زعماء عرب ومسؤولين مؤخرا بالمغرب حول “صفقة القرن”

ما الدلالات وأية سياقات؟

0

تحليل إخباري

تحركات دبلوماسية طارئة وغير مسبوقة همت قادة عرب وجرت على أرض المملكة المغربية، بصورة غير معلن عنها مسبقا، وجمعت زعماء في المنطقة بكبير مستشاري الرئيس الأمريكي، وكان الموضوع هو وضع لمسات أخرى على ما بات يسمى إعلاميا بـ “صفقة القرن” لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسط حماس منقطع النظير للإسرائيليين وغضب عارم من طرف الفلسطينيين الذي لم يترددوا في تسمية المبادرة نكاية وتهكما بـ”صفعة القرن”.

خبر التحركات الدبلوماسية التي احتضنتها المغرب تم الكشف عنها من طرف صحف إسرائيلية، حيث أفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي وصهره، الذي يقوم (قام) بجولة شرق أوسطية جديدة للترويج لخطته حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التقى في المغرب ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي أن اللقاء بين كوشنر ومرافقيه وبن زايد كان سيعقد في الإمارات، قبل ان يتم اختيار المغرب لذلك، مضيفة أن كوشنر التقى أيضا في المغرب وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي.

ووصف المصدر الأميركي محادثات مستشار ترامب مع المسؤولين الإماراتي والعُماني بالمثمرة، مشيرا إلى أنها تأتي عقب ورشة البحرين التي عقدت أواخر يونيو الماضي، وتم خلالها الكشف عن الشق الاقتصادي من الخطة الأميركية الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسراائيلي، التي يرجح الإعلان عنها برمتها قبل نهاية العام الحالي.

كوشنر في زيارة سابقة شهر رمضان الماضي (2019) ولقائه على مائدة إفطار بالعاهل المغربي

وبالإضافة إلى جاريد كوشنر، ضم الوفد الأميركي نائبه آفي بركويتز، والمبعوث الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، والمبعوث الخاص بإيران برايان هوك.

وبحسب “جيروزاليم بوست” فإن الوفد ناقش أين يجب أن يتمركز التمويل الذي يفترض توفيره للخطة الاقتصادية الأميركية، ودعم وجوده في البحرين لإظهار أن دول المنطقة تقف وراء الخطة.

وتعد الخطة الأميركية بإنشاء صناديق وضخ عشرات مليارات الدولارات فيها لاستخدامها في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية ولبنان ومصر والأردن.

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن مسؤولا أميركيا أبلغها الأسبوع الماضي أن جولة الوفد الأميركي بقيادة جاريد كوشنر تهدف لإتمام الشق الاقتصادي من الخطة الأميركية، وبحث موارد مالية محتملة لتمويل هذا المشروع.

ووفق الصحيفة فإن كوشنر ومرافقيه التقوا منذ بدء جولتهم الثلاثاء ما قبل الماضي كلا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

تحركات ولقاءات غير معهودة وطارئة!

هذه التحركات التي بدأت في المشرق العربي وانتهت في مغربه (المغرب) أثارت الكثير من علامات الاستفهام؛ فمن جهة رأى فيها بعض المراقبين أن وجود وزراء خارجيتي كل من سلطنة عمان وولي عهد أبو ظبي بالمغرب، يمكن أن يأتي في إطار عودة الروح للتنسيق العربي-العربي، الذي يعرف انقساما وتشرذما غير مسبوقين في السنين الأخيرة، وتجسد ذلك فعليا في الكشف عن زيارة ولي عهد أبو ظبي للمملكة المغربية بعد فترة جمود في العلاقات بينها وبين الإمارات إلى درجة انتشار أنباء عن وجود أزمة بين البلدين على خلفية عدة قضايا كحصار قطر وموضوع اليمن، رغم محاولات الجهات الرسمية إخفاء ذلك، ومن جهة ثانية لم تستبعد بعض القراءات وجود نوع من الضغط الأمريكي على المغرب للانخراط في “صفقة القرن”، لا سيما بعد التحفظ الذي أبدته المملكة من منطلق أن الملك محمد السادس يترأس لجنة القدس ويعتبر أي موقف له لا يتماشى مع موقف الفلسطينيين قد يمس بمكانته الاعتبارية تلك، وفي هذا الصدد ذهب بعض المراقبين إلى حد اتهام الإدارة الأمريكية بأنها قد تستعمل كل الطرق لحث المغرب على الانضمام لخطتها إزاء القضية الفلسطينية، بما في ذلك إمكانية استعمال قضية الصحراء المغربية لممارسة مزيد من الضغط، على الأقل من باب تقديم الإدارة الأمريكية مزيدا من الدعم للمملكة في صراعها مع البوليساريو وحلفائها لاسيما محتضنتها الجزائر.

ويمكن أيضا النظر إلى وجود هذه التحركات ذات الزخم الهام بالمغرب بأنه ربما هو تحول في الرؤية لدى واشنطن واحتمال تبديل أدوار الشركاء الرئيسيين أو حتى التخلي عن البعض منهم، خاصة في ظل بدء تغير واختلاف وجهات النظر بين الإمارات العربية والسعودية، وتحديدا إزاء الملف اليمني بعدما قررت أبو ظبي سحب بعض قواتها تحت يافطة “إعادة انتشار”، ولعل ذلك جاء بالموازاة مع عودة الدفء في العلاقات بين المغرب وأبوظبي حيث حل ولي عهدها بصورة مفاجئة بالمملكة المغربية أياما قليلة فقط على مكالمة هاتفية بينه وبين العاهل المغربي اعتبرت نهاية لمرحلة سوء تفاهم بين البلدين؛ أضف إلى ذلك أن تصريحات حديثة منسوبة إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نفى فيها أية رغبة لضم صحراء سيناء لخطة “صفقة القرن”، ربما جعلت واشنطن تعيد النظر في دور القاهرة بالرغم من محوريتها في العالم العربي وفي القضية الفلسطينية، لكن مجرد اتخاذ مثل هذه المناورات قد تجعل الرئيس المصري يقدم مزيدا من التنازلات.

إلى ذلك فإن وجود وزير الخارجية الأردني في خضم هذه التحركات بالمغرب يؤكد ما توصل إليه البلدان مؤخرا، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبد الله إلى المغرب ولقائه بالملك محمد السادس، وفي أعقابها أكد القائدان أنهما اتفقا على التنسيق في مواقفهما إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك قضية القدس، لما لهما من قيمة روحية ورمزية إزاءها، بحيث تعتبر الأردن الوصي على القدس الشريف، بينما يعتبر المغرب في شخص ملكه رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامي.

عبدالله توفيق

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.