
عبثا تحاول عرقلة تحركاته.. الجزائر منزعجة من شراكات المغرب مع أوروبا في المجال الطاقي
بينما تعمل الحكومة المغربية على دعم الشراكة مع مختلف الدول عبر توقيع اتفاقات والقيام بخطوات عملية، وهي السياسة التي جعلت المغرب يحظى بمصداقية من قبل شركائه السياسيين والاقتصاديين، تسعى الجارة الجزائر، عبر نظامها السياسي المريض بمرض مزمن اسمه “عقدة المغرب”، إلى اقتفاء آثار الخطوات والتحركات الدبلوماسية المغربية.
ويصر النظام الجزائري، في ظل قصوره على محاكاة ومجاراة الدلبلوماسية المغربية الهادئة، إلى محاولة التشويش على سياسات المغرب الخارجية، ولي عنقها بحيث تصبح تطاوع سياسة الجزائر الهوجاء، التي تصبغها بالطابع “العدائي” رغما عن أنفها، وهو ما جعل مختلف دول العالم تعي جيدا متى رعونة سياسة الجارة الشرقية للمغرب، بل وإقدام العديد من البلدان والمؤسسات الاقتصادية إلى تغيير وجهتها نحو المغرب المعروفة سياسته بالحكمة والتبصر والنجاعة والاستدامة.
وكشفت تقارير جزائرية، نهاية الأسبوع، أن إعلان الجزائر عن عودة طرح مشروع “ديزرتك” المجمد لسنوات، والخاص بتموين القارة الأوروبية بالكهرباء، انطلاقا من الطاقة الشمسية بالصحراء الجزائرية، تزامن مع فتح المملكة المغربية مفاوضات مع بريطانيا لافتكاك جزء جديد من هذا المشروع، يقول تقرير نشرته إحدى الصحف الموالية للأجهزة الأمنية الجزائرية، وذلك بحضورها (المغرب) كافة المؤتمرات والتنظيمات الخاصة بالطاقة الشمسية والمتجددة، عربيا وعالميا، وهو ما جعل مراقبين يؤكدون أن المغرب تريد التشويش مرة ثانية على مشروع “ديزرتك” الجزائري، الذي يحتل مكانة سياسية واقتصادية وإقليمية هامة.
ونقلت صحيفة “الشروق” الجزائرية “استغراب” عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، عمار موسي، غياب تمثيل للجزائر في اجتماعات الهيئة العربية للطاقات المتجددة، المنعقدة الأسبوع الماضي، والتي حضرها كمدعو غير رسمي، قائلا إن كل الدول العربية أوفدت تمثيليات رسمية، سواء من الخارجية أو الطاقة، داعيا إلى حضور رسمي للجزائر مستقبلا في اجتماعات مثل هذه الهيئات، التي خصصت صندوقا للاستثمار في الطاقات المتجددة يعادل مليار دولار، خاصة وأن عددا كبيرا من القرارات يمكن أن تتخذ في غيابها.
وأوضح المتحدث نفسه، وفق الصحيفة ذاتها، أن الاجتماع الذي حضره وزراء ومسؤولو شركات نفطية، وممثلو خارجيات عدد من الدول، منها الخارجية المغربية، يفرض على الجزائر أن تنخرط في هذه الهيئات التي تضم الجهات الرسمية وغير الرسمية، حتى ترسم لنفسها مكانا في سوق الطاقات المتجددة، وتمنع سيطرة المغرب والأردن واكتساحها لجميع المشاريع، مضيفا “يجب عدم ترك المغرب تستحوذ على السوق، وتكون لها سلطة التوجيه”، وضرب في هذا الإطار مثالا بتبنيها مشروع إنجاز معهد تكوين في مجال الطاقات المتجددة، كتوصية من الاجتماع.
وقال موسي “المغرب التي استحوذت فيما قبل على فكرة المشروع الجزائري الألماني “ديزرتيك”، وأنجزت جزءا مهما منه، تطمح اليوم للاستفادة من جزء جديد عبر فتح مفاوضات مع بريطانيا لتزويدها بالكهرباء الناعمة، بعدما أعلنت الجزائر عودة المشروع في حلة جديدة، مع العلم أن مشروع ديزرتيك ذا وزن سياسي واقتصادي وإقليمي كبير، ومن شأنه أن يحقق إنجازات هامة ومكاسب كبرى”.
وقد خلص الاجتماع العاشر للمكتب التنفيذي للهيئة العربية للطاقة المتجددة إلى مجموعة من التوصيات، منها العمل على تحقيق التكامل العربي الاقتصادي في مجال الطاقة المستدامة، ودمج موضوع الذكاء الاصطناعي مع الطاقة المتجددة، وضرورة التعاون بين القطاع العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني العربي، من أجل التخطيط الاستراتيجي إضافة إلى تعميم مبادرة الأجيال الخضراء التي تم إطلاقها بالأردن على باقي الدول العربية، من أجل زيادة الوعي والمعرفة، بنشر ثقافة الأجيال الخضراء التي تعتمد على تحقيق أمن الطاقة والمياه والغذاء، بالاعتماد على الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، لتحقيق التنمية المستدامة بالاعتماد على الذات.
وخطى المغرب في السنوات القليلة الماضية خطوات جبارة في مجال الطاقة النظيفة، وبات رائدا من رواد هذا النوع الطاقي على المستوى الإفريقي، ويطمح مسؤولوه إلى التحول إلى بلد مصدر للطاقة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفي هذا السياق، وبالنسبة للتحركات المغربية الأخيرة التي تزعج الجزائريين، فقد أجرى وزير الطاقة والمعادن والبيئة المغربي، عزيز الرباح، بحر شهر مايو الماضي، مباحثات مع وزير الاستثمار البريطاني، جيري جريمستون، تناولت سبل تعزيز التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة في مجالات الطاقة والمعادن والبيئة.
وأوضح بلاغ لوزارة الطاقة والمعادن والبيئة المغربية، أن الجانبين ناقشا خلال الاجتماع المنعقد عبر تقنية الفيديو، فرص الاستثمار البريطانية في المغرب وآفاق التعاون الثنائي، ولا سيما في مجالات الطاقات المتجددة والهيدروجين والغاز الطبيعي والبحث والابتكار.
كما تناول المسؤولان، خلال هذا الاجتماع الذي عرف حضور، السفير البريطاني في المغرب، توماس ريلي، مواضيع أخرى ذات اهتمام مشترك، مثل فتح سوق الكهرباء بين البلدين عن طريق الروابط الشمسية البحرية والبرية والتعاون الثنائي في شكل هرمي، من قبيل التعاون القطاعي والتعاون الجهوي والتعاون بين القطاع الخاص.
وبعد أن أشادا بأواصر العلاقات الثنائية، تطرق الجانبان إلى الدور المهم الذي يمكن أن تضطلع به المملكة المتحدة، باعتبارها مستضيفة مؤتمر الأطراف القادم حول التغيرات المناخية في نسخته السادسة والعشرين، في تعزيز الانتقال الطاقي النظيف بالمغرب، من خلال تحفيز الاستثمارات في الطاقات المتجددة وتطبيقاتها.
كما تطرق الاجتماع، يضيف البلاغ، إلى قمة الاستثمار الإفريقي البريطاني التي تهدف إلى إبرام شراكات اقتصادية مع الدول الإفريقية من أجل زيادة الاستثمارات البريطانية في إفريقيا، وكذلك إلى دور المغرب باعتباره قطبا إقليميا للاستقرار والتقدم الاقتصادي، في تعزيز العلاقات بين إفريقيا والمملكة المتحدة، بعد خروج هذه الأخيرة من الاتحاد الأوروبي.
وخلص المصدر إلى أن الطرفين اتفقا على تبادل الزيارات بعد استقرار الوضع الصحي الناجم عن جائحة “كوفيد 19″، وكذا على تشكيل لجنة مشتركة يعهد إليها إعداد إطار جديد للشراكة وخارطة طريق لتنفيدها.
إدريس بادا