في مثل هذه الأيام سنة 1972.. ينجو الملك الحسن II بأعجوبة من انقلاب أوفقير+صور
بطريقة عجيبة ومثيرة نجا الراحل الملك الحسن الثاني وللمرة الثانية على التوالي خلال فترة سنة فقط، من محاولة انقلاب فاشلة استهدفت طائرته في 16 غشت 1972 بعد قصفها في الجو من قبل صواريخ جو جو وجهتها إليه طائرات حربية انطلقت من قاعدة القنيطرة الجوية.
وكانت محاولة الانقلاب الأولى قد جرت في قصره بمدينة الصخيرات عندما كان يحتفل إلى جانب المئات من الضيوف المغاربة والأجانب بعيد ميلاده الـ 42، في شهر يوليوز سنة 1971، قبل أن يباغت الحضور المئات من الجنود وهم يطلقون الرصاص بشكل عشوائي، ليصاب ويقتل العشرات، في حين تمكن الملك الحسن الثاني من الاختباء بأحد زوايا القصر قبل أن يغادر المكان بمساعدة بعض العناصر الانقلابية التي أكدت له عدم علمهم وجهلهم بالمهمة التي جاؤوا إليها من ثكنتهم “أهرمومو” المتواجدة بالأطلس المتوسط نواحي مدينة إفران.
الملك الداهية!
تمتع ملك المغرب الراحل الحسن الثاني، منذ شبابه بحنكة ودهاء سياسيين، وقد ساهم منذ سنه المبكر مع والده الملك محمد الخامس في تحرير المغرب من الاحتلال الفرنسي، وهو مولود في الرباط يوم 9 يوليوز1929.
وكان الراحل محمد الخامس قد أسند إليه الكثير من المهام أثناء ولايته العهد، ونُفي مع والده محمد الخامس من طرف الاستعمار مما أدى لانتفاضة شعبية كبرى، وأعيد محمد الخامس وولده الحسن الثاني والأسرة الحاكمة إلى المغرب وأُعلن استقلال المغرب عام 1956.
وفي سنة1961 تولى الحسن الثاني حكم المغرب بعد وفاة والده محمد الخامس، وبسبب إحكام قبضته على الحكم فقد خلق له ذلك مشاكل كبيرة مع رجال المقاومة الوطنية الذين فضل كثير منهم النفي الاختياري على البقاء بالمغرب بعدما نشأ خلاف بينهم وبين الحسن حول طريقة حكم المغرب ما بعد الفترة الاستعمارية؛ وفي ظل سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي الرأسمالي والشرقي الاشتراكي، وانتشار العديد من الانقلابات في الوطن العربي وفي إفريقيا، انتقلت العدوى إلى المملكة المغربية، حيث تعرض الحسن الثاني للعديد من محاولات الاغتيال واستمرت طيلة الـ38 سنة التي قضاها في الحكم، الأولى كانت محاولة الانقلاب بالصخيرات عام 1971 أثناء الاحتفال بالذكرى الـ42 لميلاده ببلدة الصخيرات قرب الرباط العاصمة، حينما هاجم 1400 جندي الحفل مخلفين 100 ضحية من بينهم سفير بلجيكا في المغرب، ونجا الملك الحسن عندما اختفي في أحد جوانب المكان، وقامت قواته بسحق المتمردين وأسر العديد منهم.
أما محاولة الاغتيال الثانية فكانت في 16 غشت 1972 وعُرفت باسم “عملية بوراق ف 5″، وقام بها سلاح الجو المغربي بنية الهجوم على طائرة الملك وقادها ثلاثة رجال هم: الجنرال محمد أوفقير، وزير الداخلية والدفاع، والمقدم محمد أمقران، والمقدم الوافي كويرة، وجهزوا أربع طائرات بالقذائف وحين أقلع الملك ظهرا برفقة حاشيته من برشلونة الاسبانية على طائرة بوينج 727 عائداً للرباط بعد رحلته لفرنسا، وبعد دخوله الأجواء المغربية، أقلعت ست طائرات حربية من طراز إف 5 من قاعدة القنيطرة الجوية تحت قيادة صالح حشاد، لمرافقة طائرة الملك حال دخولها الأجواء المغربية، وأطلقت 3 منها النيران على الطائرة الملكية، فتعطل محركان من محركات الطائرة الملكية، كما حرصت طائرات الانقلاب على التصويب إلى مؤخرة الطائرة حيث المكان المفضل للملك، ولكن هبطت طائرة الملك اضطراريا بمطار القنيطرة فقامت المقاتلات بقصفه ولم يتوقف القصف إلا بعد مناورة الملك بأن أعلن أحد أعوانه عن مقتله.
وعلى إثر هذا تم اعتقال الانقلابيين بعد محاكمتهم بينما تم إعدام البعض منهم ومنهم الجنرال أوفقير الذي قيل أنه تم تصفيته بين هناك رواية تقول إنه انتحر بحضور الملك الحسن عندما تم اكتشاف تورطه في العملية الانقلابية الفاشلة، إلى أن توفي الملك الحسن الثاني بعد هذه المحاولة الفاشلة بسبعة وعشرين عاماً، حيث توفي في 23 يوليوز 1999 إثر نوبة قلبية لينتقل الحكم كما هو في الدستور المغربي إلى الابن الأكبر سنا وهو محمد السادس.
ناصر لوميم