حذارِ من الحربِ القذِرة في السياسة !

0

نورالدين اليزيد

حرب هوجاء استعرت هذه الأيام ضد الحزب “الإسلامي” الحاكم الذي كنا ولازلنا ننتقده وسنبقى ما بقي -إذا بقي في الحكم- يدير الشأن العام بالطريقة غير الشعبية التي يعرفها الجميع والتي تضررت منها أكثر الفئات البسيطة من أبناء هذا المجتمع، وإن كانت خزينة الدولة قد استفادت من إصلاحات قام بها الائتلاف الحكومي الذي يقوده حزب عبدالإله بنكيران.

الحرب التي من المؤكد أن من ورائها أشخاصٌ وجهاتٌ أكبر من أن تكون أحزابا سياسية فقط، تُستعمل فيها كل الأدوات المباحة والمحظورة وحتى الخبيثة، والهدف بطبيعة الحال واحد هو تأليب الرأي العام ضد حزب المصباح وتعبيد الطريق للحزب الأغلبي “الوافد”، الذي يبدو أن ساعة تسلمه مقاليد الحكم قد دقت، بعدما توارى لفترة إلى الخلف بعد هبوب رياح “الربيع المغربي”، الذي رفع فيه المحتجون شعارات تندد بوجوده في الساحة السياسية، وباقي الحكاية يعرفها الجميع، عندما سافر قياديو التأسيس بهذا الحزب إلى الخارج، ورجوعهخو في وقت لاحق وإطلاق تصريحات بأنهم خافوا على أنفسهم من “متطرفين” !!

هذه الحرب غير التقليدية للأسف بدأت حتى قبل أن تبتدئ حملة الانتخابات المقبلة رسميا، فرأينا المنابر الإعلامية الخاصة والعمومية والتي بينهما تشحذ سكاكينها للانقضاض على هذا “البعبع” المسمى البيجيدي. والطامة الكبرى أن المتتبع يثير انتباهه ببساطة متناهية ودون بذل مزيد من الجهد هذا الهجومُ الشرس ومحاولة الخلط الفجة بين حزب آمَن ويِؤمن أيّما إيمان بالمؤسسات الدستورية للوطن وبين “اتجاه” إسلاموي “جهادي” دموي، رغم وجود كل الفوارق التي يعرفها العادي والبادي، في محاولة يائسة وتنم عن غباء الداعين إليها والقائلين بها، لأجل تعبيد الطريق لحزب تكوّن نتيجة خليط هجين يجمع مُفلسين إيديولوجيا وانتهازيين وأصحاب مصالح منها حتى ما هو مشكوك في شرعيته وقانونيته !

لكن الطامة تبدو أكثر خطورة وتهديدا عندما لا تتردد حتى منابر عمومية من اللازم عليها الحفاظ على مسافة معتبرة بين كل الفاعلين، في الانخراط في هذه الحرب، وهو ما يشير إلى وجود أيادي ضاغطة ومُحركة في اتجاه ما يتم تناوله والحديث عنه من تسويد وتجريح في الحزب الحاكم وتصفير للحصيلة الحكومية، بالرغم من كل الإيجابيات التي حققتها، والتي مع ذلك لم تجعلنا نحن شخصيا ننسى وجهها الآخر السلبي الذي أضر بطبقات شعبية واسعة، لكن دون أن تتملكنا يوما رغبةٌ في الانخراط في حملة مجانية أحيانا ومؤدى عنها أحيانا أخرى لتغيير حزب المصباح فقط ليتأتي إلى الحكم مَن خرج إلى حيز الوجود وفي فمه ملعقة من دهب، بل يعيش ويحيى على لبن لفصيلة أسطورية من الكائنات !   

صحيح أننا ننتقد ولازلنا الحزب منذ بدأ تدبير الحكم قبل خمس سنوات، بدون أية خلفية غير حب هذا الوطن وشعبه، لكن نرفض الانخراط في حرب قذرة ضد حزب له من المحاسن والتميز والسمعة ونقاء اليد ما ليس لأحزاب عدة غيره إن لم نقل كلها، وهذه حقيقة علينا إقرارها بجرأة وشجاعة مهما اختلفنا معه.

ومن نافل القول والتذكير أيضا أن تجارب مثيلة، بمحيطنا العربي المتقلب الأحوال،  في التأليب ضد الخصوم السياسيين وتسويد صور قيادييهم وشيطنتهم، جرت على الأوطان الكثير من المصائب وفتحت باب المجهول أمامهم..

فالحذر كل الحذر من الحروب القذرة وغياب اللعب النظيف في السياسة !

[email protected]

https://www.facebook.com/nourelyazid

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.