هنية في المغرب بدعوة من الملك محمد السادس وليس بيجيدي !
نورالدين اليزيد
وجه الملك محمد السادس “ضربة معلم” أخرى إلى الخصوم، وخاصة إلى هذا الـ”تبّون” ونظامه العسكري، الذي ما فتئ يصدع الناس، العرب منهم والعجم، أنه يدعم استقلال الشعوب وتقرير المصير، لكن فقط بـ”الشفوي”..
وما تكتّم عنه حزب “العدالة والتنمية” (بيجيدي) الحام بالمغرب، فضحه إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، حركة المقاومة الخارِجة لتوها من حرب ضروس أمام الاحتلال الصهيوني.. قُتِلت فيها أرواح كثيرة، وسُفكت فيها دماء غزيرة، ودُمّرت فيها بنايات على رؤوس أهلها..

هنية أكد، عكس ما يدعيه أو -بالأحرى- يتظاهر به حزب “العدالة والتنمية”، أو ما يقوم به كتغطية على الزيارة، أن الأخيرة هي برعاية من الملك محمد السادس، وأن جدول أعمالها، كما هي نتائجها (أو كهذا معناه) موضوعةٌ على طاولة الجالس على العرش؛ وليس أدل على ذلك مِن أن إلقاء الكلمة، واستقبال أمين عام بيجيدي سعد الدين العثماني لضيفه الكبير، كان بمقر رئاسة الحكومة، بشارع الأميرات بحي السويسي الراقي وسط العاصمة..
وليس أدل على ذلك أيضا، من أن كلمة العثماني كانت خجولة ويسودها الارتباك، ولو أنها كانت مكتوبة ومقروءة في ورقة؛ ما يعني أنها كانت مرسومة ومحددة المعالم سلفا من قِبل الدولة، بعكس كلمة هنية المرتجلة؛ حيث اكتفى رئيس “بيجيدي” بكلام بروتوكولي، والترحيب بالضيف، والتذكير بأن الزيارة كانت مبرمجة قبل ستة أشهر، وفي ذلك إشارة ورسالة إلى من يهمه الأمر (#الصهاينة و#أمريكا)، بأن الاستقبال لا يجب أن يُؤوّل على أنه احتفاء بـ”انتصار المقاومة”.. وهو ما كرسته بعض عبارات العثماني، حين تفادى، بالمرة، الإشارة إلى الحرب الأخيرة للاحتلال ضد غزة، واكتفى بتوصيف “الانتهاكات الإسرائيلية” التي كررها أكثر من مرة..
وما سكتَ عنه، أو لم يُسمح له بالحديث عنه، بالنسبة للعثماني، أُعطي الضوء الأخضر بشأنه لزعيم حركة حماس، الذي طفق يتحدث بطلاقة لسان كما لو أنه في غزة، عن الحرب، وعن الانتصار، وعن تضامن الشعب المغربي والشعوب العربية والإسلامية، بل وحتى عن الوعيد والتهديد باستمرار المقاومة وردع الاحتلال !
النتيجة أو الخلاصة، هي أن النظام المغربي يكسب اليوم ورقة أو نقاطا مهمة ضد المشككين في دوره في القضية الفلسطينية، وهي الرسالة التي رد عليها زعيم حماس، بتذكيره بأن البعد الجغرافي للمملكة لم يمنع من أنها، مع ذلك، تبقى في قلب القضية الفلسطينية، وكادت لسان هنية أن تزِل وتُغضب باقي العرب، لولا تداركه الأمر، والتعقيب بقوله “شأن المملكة في ذلك شأن باقي الشعوب العربية والإسلامية” !!
إذن بالنسبة للمنشورات البراقة والمصقولة بعناية، التي أغرق بها حزب “بيجيدي” وأنصاره مواقع التواصل الاجتماعي، ليوهموا الرأي العام، بأن إخوان العثماني مستأسدون ومناصرون شرسون للقضية الفلسطينية، أملا وطمعا في كسب بعض أصوات المغاربة المتعاطفين مع الفلسطينيين، تصبح منشوراتٍ دعائيةً ساذجة، بل ومزيفة ولا تعكس الحقيقة، خاصة عندما يتأكد لنا أن الزيارة تشمل لقاء زعماء وقادة أحزاب وهيئات أخرى.. فالقضية لا تفتأ تكون مجرد دور مناولة قام به بيجيدي، وبإيعاز من القصر، لاشتراكه وتقاسمه المرجعية الإسلامية نفسها مع حماس، وليكون الإخراج السياسي/المسرحي لائقا ومفيدا للمرحلة..
وأمّا إن كان هناك مِن منتصر ومستفيد فهو حماس، على الأقل من باب تكسير الطوق والحصار المفروض عليها. والنظام المغربي أيضا الذي خُدشت صورته، بشكل كبير، بعد توقيع اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني في ديسمبر الماضي، وهو ما جعل كثيرا من الناقمين والكارهين لترؤس الملك “لجنة القدس”، يطالبون بسحب هذه الرئاسة من محمد السادس. و #خليونا_ساكتين
https://www.facebook.com/nourelyazid
ملحوظة: هذه المقالة نشرت بداية كتدوينة على حساب كاتبها في فيسبوك